أنتِ القوية لا تتراجعي.. أنتِ السَّديدة لا تُخطئي.. أنتِ الشجاعة لا تيأسي..
أنتِ الحكيمة لا تهذي.. أنتِ الصَّبورة لا تنتفضي.. أنتِ الكبيرة لا تصغري..
لا لا لا لا لا لا لا تصغري في أعيننا.. ابقي كبيرةً كما عرفناك.. ابقي شامخة كما عهدناك..
بالأحزان لا تتذرعي.. فهي ذاهبة.. بالشجون لا تغرقي فهي زائلة.. بالآهات لا تصرخي فهي منكتمة..
هـي .. هـي .. هـي .. هـي ..
تستمعُ لأصواتهم ويُزعجها ما يصدر عنهم.. ويُقلقها ما به يصرخون.. تتمنَى لو بلعُوا ألسنتهم داخل حلوقهم، ولو أغمضوا أفواههم وسبت كلامهم وقضى عليه الزمان..
تتمتم .. تتمتم .. تتمتم .. تتمتم ..
ماذا تعلمون عن الآلام.. ما الذي تعرفون عن الأحزان.. ما الذي تدركونه عن الحيرة وتشتت الكيان..
تهمهم .. تهمهم .. تهمهم .. تهمهم ..
ألا يحق لي أن أتنهد.. أن أتنفس بصوتٍ مرتفعٍ.. أن تجن كلماتي كما يجن جنون الكلام..
تغمغم .. تغمغم .. تغمغم .. تغمغم ..
ليتها اللغة تصير لا شيء بعد أن أنطقها.. ويحتضنها العدم بعد خروجها مني..
ليتها كلماتي تغدو سرابًا فور أن أفك أسرها.. وأطلق سراحها.. فترتعش تحت أحضان العدم..
ليت آهاتي تتفجر داخل صدر الفراغ.. بعد أن يحتويها ويعتصرها ويُرديها رمادًا بين ذراعيه..
ليت شجوني تت**ّر كالشظايا.. فتلملمها الرياح وتحتويها في متاهات السماء حتى لا تصل للبشر.. وتشهق شهقة العدم..
ليت مسمع صوتي يصبح رذاذًا أو أزيزًا أو صفيرًا يُنذِر.. فيختفي فجأة..
ليت لون شكواي يضحَى كلون الهواء.. كملمسه.. كطعمه.. كلفحه للوجنات في الليلات الباردات..
ليت دمعي يغدو كقطرة ندى.. تختفي في المساء.. يحتويها الزمان.. تسكن صدر الأمان..
أبغي أن يسكن حزني عالم العدم الذي ليس له وجود.. وأرض السراب التي تختفي فور الوطوء.. وسحر الكلام الذي ليس له قيود..
حتى يرتاح الكون من تمتمات حزني.. وهمهمات شجوني.. وغمغمات آلامي